.
ألفاظ القرآن النادرة
تأصيلًا وتفصيلا .
القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين وكل ألفاظه عربية ولا يخرج عن هذا أي لفظ كان وحتى الألفاظ التي قيل فيها أن أصلها غير عربي هي ألفاظ عربية أدرجت تحت التفعيلات العربية فأصبحت عربية النسبة فصيحة النطق.
إلا أن الفاظ القرآن لسعتها وتنوعها لم يحط بها كل عربي ولهذا ظهر مصطلح غريب القرآن وفي هذا الصدد قال الإمام السيوطي رحمه الله في الإتقان : ولكن لغة العرب متسعة جداً ولا يبعد أن تخفى على الأكابر الأجلة ، وقد خفي على ابن عباس معنى فاطر وفاتح . قال الشافعي في الرسالة: ولسان العرب أوسع الألسنة مذهبًا ، وأكثرها ألفاظًا ، ولا نعلمه يحيط بجميع علمه إنسان غير نبي ، ولكن لا يذهب منه شيء على عامتها حتى لا يكون موجودًا فيها من يعرفه . والعلم به عند العرب كالعلم بالسنة عند أهل الفقه : لا نعلم رجلاً جمع السنن فلم يذهب منها عليه شيء.
ورغم أن كلمة غريب لا غرابة فيها واستعمالها هنا لأن الغريب هو عكس المعتاد والمألوف والمشهور في لغة العرب ، فيكون في القرآن ألفاظًا عربية تكلمت بها العرب لكنها لم تشتهر كبقية ألفاظ اللغة ؛ لهذا وصفت بالغريب ، إلا أنني عزمت على إطلاق عبارة ألفاظ القرآن النادرة لإبعاد أي شبهة عن استعمال القرآن لفظة غير مألوفة بينما النادر هو كل ما ندر استعماله وقل، كما يزعم أحدهم أن القرآن ضم بين دفتيه ألفاظأً ليست من اللغة الفصحى - أي العربية الجاهلية -.
وفى ذلك يقول السعد التفتازانى - يرحمه الله- مدافعا عن عدم اشتمال القرآن على كلمات غير فصيحة فيقول.. فمجرد اشتمال القرآن على كلام غير فصيح، بل على كلمة غير فصيحة إنما يقود إلى نسبة الجهل أو العجز إلى الله، تعالى الله عنذلك علوا كبيرا.
سنذكر الألفاظ النادرة التي نسمعها ونقرأها في القرآن على ترتيب السور.
سورة البقرةالصيّب: كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {أَوْكَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصْابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ واللّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ}، فالصيب هو المطر ويجمع على صياب.
الفوم:كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَننَّصْبِرَ عَلَىَ طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّاتُنبِتُ الأَرْضُ مِن بَقْلِهَا وَقِثَّآئِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَاوَبَصَلِهَا} ، فالفوم هو الحنطة ومفردها فومة، وقيل هوالثوم.
خاسئين: كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَواْ مِنكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ}، أي باعدين عن الخير من خسأته عني أي باعدته
الفارض: كما في قوله تعالى في سورة البقرة: {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌعَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ} ، فالفارض هي الكبيرة المسّنة وتجمع على فوارض.
عوان: كما في قوله تعالى: {وَلاَبِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ} ، فالعوان المتوسطة السن، ويطلق العوان على الشدة فيقال مصيبة عوان أي عظيمة، و حرب عوان أي شديدة.
شية: كما في قوله تعالى: {مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِيَةَ فِيهَا}، فالشية هي التي لا لون لها إلا لون جسمها، وتجمع على شيات.
النسك: كما في قول الله تعالى: {فِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْصَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} والنسك: الشاة التي تذبح بمكة، والنسيكة الذبيحة، وتجمع على نسائك.
ألد: كما في قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ}، وألد تعني شديد الخصومة في الباطل، وتجمع على لُدّ .
يؤلون: كما في قول الله تعالى: {لِّلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَآئِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَآؤُوا فَإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}،ويؤلون تعني يحلفون من الأصل ألوّ.
السر: كما في قول الله تعالى: {وَلَـكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلاَّ أَن تَقُولُواْ قَوْلاًمَّعْرُوفاً}، والسر هنا هو النكاح.
يوؤده: كما في قول الله تعالى: {وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَيَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ}أي يكد عليه ويثقل.
وابل: كما في قول الله تعالى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِصَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ} وهو المطر، ويجمع على أوابل.
طل:كما في قول الله تعالى: {فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}والطل يعني الندى.
الحاف:كما في قول الله تعالى: {لِلْفُقَرَاءالَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ}، أي إلحاحاً وهو أن يلازم المسؤول حتى يعطيه من قولهم لحفنيمن فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده، وقيل: سمي الإلحاح بذلك لأنه يغطي القلب كما يغطي اللحاف من تحته
إصر: كما في قول الله تعالى: {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْأَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِين} والإصر هو عبء الثقل، وهو من أصر يأصر أي يحبس في مكانه ، ويقال للعهد كما في قوله تعالى: {وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي}، ويجمع على آصار.