..
ناديتُ غَـزَّةَ والظــلامُ يلـفُّهَـا = والموتُ ينهشُ لحمَهـا ويمـزِّقُ ..
..
والغـدرُ يقذفُهـا بكـلِّ ضغينـةٍ = سوداءَ تنخرُ في الصدورِ وتحْرِقُ..
..
ناديتُها والريحُ تقصفُ زهـرَهـا = وغصونُها تحتَ العواصفِ تُسْحَقُ..
..
ناديتُهَـا والجـرحُ ينزفُ عـزةً = بدمٍ يسـيلُ وعـبـرةٍ تترقـرقُ..
..
ناديتُها والحزنُ يغشَـى صفحَتِي = وجوانحِي بلظى الأسَـى تتحَـرَّقُ..
..
ناديتُها والوجدُ يَمْـلأُ خـافـقِـي = ودمِـي بحبِّ حُمَاتِها يَـتَـدَفَّـقُ..
..
فأجابنِي صوتُ القنـابلِ صارخًا = كادَ الأسـى بربوعِ غَـزَّةَ يَنْطِـقُ ..
..
أولمْ ترَ الأشـلاءَ كـيفَ تبعثرتْ = ورمـالَنَـا بدمِ البواسـلِ تَغْـرَقُ..
..
أولمْ ترَ الأفـراحَ كـيفَ تبدلَّـتْ = حَزَنـًا وشـملَ الآمـنينَ يُفَـرَّقُ..
..
ناديْتَنِـي لترَى الحيـاةَ هـنيئـةً = والفجرَ يَبْسُـمُ في رُبَايَ ويُشْـرِقُ..
..
لترَى عيونَ الزهرِ كيفَ تبسَّمَتْ = وترى غصونِيَ فِي حمـاسٍ تُورِقُ..
..
فرأيتنِي والدمعُ يغسـلُ وجنتـِي = والوجـه يعروهُ القتـامُ ويُرْهِـقُ..
..
ورأيتنِـي أبكِـي لفقْـدِ أحبتِـي = ورأيتَ قلبـيَ بالأسـى يَتشـقَّـقُ..
..
ورأيتَ غربانَ اليهودِ وقدْ طغتْ = وسـمعتَها بسـمـاءِ غزَّةَ تنْعَـقُ..
..
ورأيتَ أذيالَ القرودِ تراقصـت ْ = وكـبيرهم للمعـتديـنَ يُصَـفِّـقُ ..
..
ورأيتَ أسرابَ البعوضِ تطاولتْ = تقتاتُ من دمِـنَا العـزيزِ وتلْعَـقُ ..
..
ورأيتَ أجنحـةَ الظـلامِ تهدلتْ = والكـونَ يغشاهُ السـكونُ المطبقُ..
..
ناديتُ يعـربَ أينَ عزُّ بنودِكـمْ ؟! = أولمْ يعـدْ علمُ الحـميةِ يَخْـفِـقُ..
..
أينَ المروءةُ والشـهامةُ والإبَـا؟! = أينَ الجـبينُ الشـامخُ المتألـقُ؟!..
..
بلْ أينَ دينُكِ ؟! أينَ عِـزُّ محمدٍ ؟! = أينَ " البراءةُ " والكـتابُ المُشْرِقُ؟!..
..
إنِّي رأيتُ الحـاكـمـينَ أذلـةً = وبأرضِنَا سـَادَ الوضـيعُ الأحمقُ ..
..
حاشَـا هَـنِيَّـةَ والذينَ تبـَّوَؤُا = عَرشَ الكرامةِ كيْ يَسـودَ الأَصْدقُ ..
..
هذَا الذي في وجهـهِ ألقُ التُّقَـى = وجبينُـه بالعـزِّ دومـًا يُشْــرِقُ..
..
كالشمسِ ينشرُ في الربوعِ كرامةً = فَتُبِيدُ لـيـلَ الظـالميـنَ وتَمْحَـقُ ..
..
وبأمرِهِ تمضِي الجمـوعُ عزيزةً = وبحبِّـهِ تَحْيَـا القلـوبُ وتَخْفِـقُ..
..
والأُسْـدُ تزأرُ حولَـهُ فِي عِزَّةٍ = فتدوسُ أعنـاقَ الضباعِ وَتَـسْحَقُ..
..
هَذِي كـتائبُ عـِزِّنَـا قدْ أقبلتْ = في ركبِهَـا يمضِي الإبـاءُ ويَلْحَقُ..
..
فاستبشرِي يا قدسُ إنَّ أسـودَنَـا = بِثَرَى فلسـطينٍ تهـيـمُ وَتَعْشَـقُ ..
..
تمضِي إلى الهيجاءِ واثقةَ الخُطى = وإلى المكـارمِ والفِـدَا لا تُسْـبَـقُ ..
..
لاذتْ بحبلِ اللـهِ واعتصمتْ بهِ = والحـقُّ أَنْجَـى والعـقيـدةُ أَوْثَقُ..
..
لا لَنْ يعـيدَ الأرضَ سِـلْمٌ زائفٌ = يعـدُو إليهِ الخــائـنُ المتسـلِّقُ..
..
يدعـونَنَـا للسـلمِ أينَ سـلامُهمْ = ودمـاءُ أهلِـيَ فِـي الثَّرَى تَتَدَفَّـقُ..
..
يا أُمَّتِـي لا تركـنِـي لحبَالِـهمْ = فالغـدرُ أَوْهَى والخيـانـةُ أَخْـلَقُ ..
..
لا لَنْ يُعِيدَ القـدسَ إلاَّ مصـحفٌ = وسـواعدٌ ترمي الجِمَـارَ وترشُـقُ..
..
لا لنْ يُعِـيـدَ الحـقَّ إلا فـتيـةٌ = بأكـفِّهمْ يزهُـو الحسـامُ ويبـرُقُ ..
..
ستعودُ يا أقصَـى وتلكَ عـقيـدةٌ = ويعـودُ نجمُكَ سـاطعـًا يَتَـأَلَّـقُ.