حياء بعد الموت
لما مرضت «فاطمة الزهراء» - رضي الله عنها - مرض الموت الذي توفيت فيه، دخلت عليها «أسماء بنت عميس»- رضي الله عنها - تعودها وتزورها فقالت «فاطمة» لـ «أسماء» والله إني لأستحي أن أخرج غدا (أي إذا مت) على الرجال جسمي من خلال هذا النعش!!
وكانت النعوش آنذاك عبارة عن خشبة مصفحة يوضع عليها الميت ثم يطرح على الجثة ثوب ولكنه كان يصف حجم الجسم، فقالت لها «أسماء» أو لا نصنع لك شيئاً رأيته في الحبشة؟!
فصنعت لها النعش المغطى من جوانبه بما يشبه الصندوق ودعت بجرائد رطبة فحنتها ثم طرحت على النعش ثوباً فضفاضا واسعا فكان لا يصف! فلما رأته «فاطمة» فالت لـ «أسماء»: سترك الله كما سترتني!!
قال: «ابن عبد البر» عن فاطمة الزهراء: هي أول امرأة غطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة!
بعد علمي بتلك القصة فكرت كثيراً فما اشد حياءها حتى بعد مماتها!
فلماذا تتبرج النساء؟
هل هي فطرة المرأة..لا، فالأصل هو الحياء، ولو أدركت النساء مدى جمال ثوب الحياء، وروعة زينة التحلي به، وقوة تأثيره الباطني على الجوارح؛لأيقنَّ أنه فعلاً كله خير، ولحافظن عليه حتى آخر رمق..سبحان الله هو الرداء الأول الأساسي الرادع لكل ما هو مشين «إذا لم تستح فاصنع ما تشاء».
وعندما نظرت في رداء المرأة الأوروبية وجدت انه لا يخضع لشريعة أو قيم أو أعراف بل يخضع لمقاييس الفتنة وإبراز الجمال بل إن جسدها هذا ليس له حرمة بإرادتها فيتعرض لأكثر من يد تلمسه وتعبث به وهذا شيء جَدُّ طبيعي عندهم، عندها أدركت سبب عدم تواجد خلق الحياء عندهم، فعندما يفقد الجسد قيمته لا يهم مقدار العري الذي يظهره!
لكن ما بال فتياتنا هنا؟!
كلما شاهدت لباسهن الفاضح أو حجابهن المشوه أتألم للجاهلية التي يعشن بها وتذكرت تلك العجوز التي شاهدتها في الطابق الثاني في أحد البنوك والتي عندما طلبت منها الموظفة كشف وجهها لتطابقه مع الهوية قالت: أخشى أن أُكْشَف من الخارج!!
فأي تقوى وورع ليت بعضه يسكنني في عمرها!
واليوم وبمشاهدة اختلاط النساء الممجوج مع الرجال في كثير من مؤسسات الدولة ومرافقها العامة إضافة لتبرجهن البشع، بل مجرد التعود على مشاهدة تلك الأمور ينزع من النفس الحياء رويداً رويداً، وما يؤلم أنه إن ذهب الحياء فلن يرجع أبدا. أليست فتياتنا يعلمن تلك الحقيقة؟
إن عودة امتنا لعزها ومجدها بيدك أنت أيتها المرأة المسلمة فصلاح المجتمع أكمله بصلاحك، فكوني لبنة قوية ثابتة في وجه طرق الرذائل والفساد والفتن؛ ليعلو بنيانك شامخاً معيداً لنا قرون المجد والعزة.