قوات الجيش تقتحم «ميدان التحرير» بالقوة وتفض المعتصمين فيه
| قوات الجيش أثناء فض اعتصام المتظاهرين في ميدان التحرير بوسط القاهرة أمس (إ.ب.أ) |
|
بين
عشية وضحاها، تبدل المشهد في ميدان التحرير مسرح عمليات ثورة «25 يناير»
بقلب العاصمة المصرية القاهرة، فبعد أن قضى المعتصمون ليلة سادتها المظاهر
والطقوس الرمضانية، أخلت القوات المسلحة بعد ظهر أمس ميدان التحرير من
المعتصمين فيه، بعد أن اقتحمت قوات الشرطة العسكرية (التابعة للجيش)
المدعومة بالمدرعات، وقوات الأمن المركزي (التابع لوزارة الداخلية) الميدان
وهدموا الخيام التي أقامها المعتصمون. وفيما أجمعت الفصائل والأحزاب
السياسية على إدانة فض الاعتصام بالقوة، حتى وإن لم يسفر عن سقوط ضحايا، لم
يصدر توضيح رسمي من القوات المسلحة حول واقعة فض الاعتصام.
وفوجئ المعتصمون بوجود قوات كثيفة من الشرطة العسكرية المدعومة بالمدرعات
عند المداخل الأربعة لميدان التحرير (مدخل طلعت حرب ومدخل باب اللوق ومدخل
القصر العيني ومدخل كوبري قصر النيل) وبدأ الاقتحام في نحو الثالثة عصرا
حيث دخلت المدرعات ومن خلفها مئات الجنود الذين تحركوا في سرعة وتنظيم
واتجهوا إلى الحديقة المستديرة التي تتوسط الميدان، وهدموا الخيام وأزالوا
الحواجز الحديدية والأسلاك الشائكة التي وضعها المعتصمون.
وحاول عدد من المعتصمين تشكيل حواجز ودروع بشرية أمام قوات الجيش ورشقوها
بالحجارة إلا أن قوات الشرطة العسكرية أطلقت أعيرة نارية في الهواء لتفريق
المعتصمين الذين احتمى بعضهم بمسجد عمر مكرم، فحاصرت القوات المسجد حتى خرج
من فيه من المعتصمين.
وتحركت المدرعات لتقف في منتصف الميدان، وأعاد جنود الشرطة العسكرية حركة
السيارات بالميدان بعد أن غابت عنه منذ الثامن من يوليو (تموز) الماضي.
وأطلقت السيارات أبواقها وهي تسير داخل الميدان ابتهاجا بإعادة حركة
المرور.
ودخل الميدان عقب إعادة فتحه للسيارات عدد من أصحاب المحال التجارية في
المناطق المحيطة بالتحرير ليعربوا عن فرحتهم بفض الاعتصام ورددوا شعارات
«الشعب والجيش إيد واحدة» و«الشعب يريد إخلاء الميدان».
واعتقلت الشرطة العسكرية عشرات الأشخاص، ووضعتهم داخل السيارات المدرعة، ووجهت لهم تهمة مقاومة السلطات ورفض فض الاعتصام.
وتمركزت عند المداخل المختلفة للميدان 10 مدرعات بينما جابت سيارات «جيب»
تابعة للشرطة العسكرية الميدان ووجد جنود الشرطة العسكرية على الأرصفة
لضمان عدم عودة المعتصمين مرة أخرى.
وقامت القوات المسلحة بالاشتراك مع عناصر من الأمن المركزي وشرطة المرافق
بإزالة كافة الإشغالات في قلب الميدان، وفي داخل الحديقة التي تتوسط
الميدان، وسط حراسة من عناصر الشرطة العسكرية لمنع حدوث أي اشتباكات أثناء
عملية الإخلاء.
ونشبت اشتباكات في الشوارع الجانبية القريبة من ميدان التحرير بين
المعتصمين الذين تجمع عدد منهم في تلك الشوارع وبين أصحاب المحلات وسكان
تلك الشوارع الرافضين للاعتصام.
وقال محمد عادل المتحدث الإعلامي باسم حركة «شباب 6 أبريل»: «أعضاء الحركة
تركوا الميدان منذ الليلة قبل الماضية، والحركة لم توجد أثناء فض الجيش
للاعتصام».
وأضاف عادل لـ«الشرق الأوسط»: «رغم عدم وجودنا في الميدان، فإننا نرفض بشدة
فض الاعتصام بالقوة مهما كانت المبررات»، مشيرا إلى أن حركة «شباب 6
أبريل» قررت تعليق الاعتصام حتى جلسة محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك،
المقررة غدا (الأربعاء).
وقال «سننتظر لنرى ماذا سيحدث في الجلسة.. نحن نريد محاكمة عادلة وسريعة
لمبارك وقتلة الثوار»، مضيفا «سنعقد اجتماعا في الحركة غدا بعد جلسة محاكمة
مبارك لنبحث رد فعلنا».
ووجه المجلس الأعلى للقوات المسلحة التهنئة للمصريين الليلة قبل الماضية
بمناسبة شهر رمضان المعظم، في رسالته رقم 71 على صفحته بموقع التواصل
الاجتماعي «فيس بوك» كما قدم التهنئة للمسيحيين بمناسبة بدء صوم العذراء.
وكان ميدان التحرير قد ارتدى حلة رمضانية الليلة قبل الماضية، وتخلى
الميدان عن الهتاف الشهير الذي تردد بين جنباته خلال الثورة «الشعب يريد
إسقاط النظام»، ليصبح «الشعب يريد تحضير السحور».
وطغت المظاهر الرمضانية على ميدان التحرير، الذي يعتصم به المئات من أهالي
شهداء ثورة «25 يناير» منذ الثامن من شهر يوليو الماضي، حيث حرص المعتصمون
على إقامة فانوس كبير يحمل ألوان العلم المصري في منتصف الميدان وكتبوا
عليه «تهنئة من ثوار التحرير بأول رمضان بطعم الحرية»، وتجمعوا حوله الليلة
قبل الماضية يرددون الأغاني التراثية المرتبطة بشهر رمضان. وبعد أذان
العشاء، اصطف المئات من المعتصمين بوسط الميدان لتأدية صلاتي العشاء
والتراويح، وبعدها تفرق المعتصمون بين قراءة القرآن أو الجلوس في حلقات
للنقاش سواء في الأمور السياسية أو الدينية، حتى منتصف الليل، ليبدأ بعدها
تحضير السحور الذي اقتصر على الفول والعيش من أحد المحلات القريبة من
الميدان.
وشكل المعتصمون لجانا تتولى إحضار وجبات الإفطار للمعتصمين، إلا أن الجيش تدخل ليفض الاعتصام قبل موعد الإفطار أمس.